ورقة بحثية تصدرها الهيئة المستقلة حول الانتهاكات بحق الأسيرات والأسرى أثناء حرب الإبادة الجماعية على غزة

أصدرت الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان “ديوان المظالم”، وفي سياق متابعتها لنتائج وتداعيات حرب الإبادة الجماعية التي يتعرض لها قطاع غزة، ورقة بحثية بعنوان (الانتهاكات بحق الأسيرات والأسرى أثناء حرب الإبادة الجماعية على غزة)، وتناقش الورقة العنف الاستعماري في السياق الفلسطيني، وحالة الاعتقال، والأسر، والممارسات القمعية بحق الأسيرات والأسرى، وبشكل خاص ممارسات العنف الجنسي، والتي استخدمت بحق الأسيرات والأسرى الفلسطينيين، خاصة أثناء حرب الإبادة الجماعية على غزة التي بدأت بتاريخ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023.

فمنذ السابع من أكتوبر بدأت مصلحة السجون الإسرائيلية بفرض إجراءات قمعية جديدة داخل السجون، تتمثل بحرمان الأسرى والأسيرات من أبسط الحقوق الإنسانية، من خلال العزل الكامل لهم ولهن عن الأهل والمحامين وحرمانهم من اقتناء المذياع ومصادرة التلفاز، ومصادرة مقتنياتهم من ملابس وأغطية ومواد غذائية، وسحب البلاطة الكهربائية والتي تستخدم عادة للطهي أو تسخين الطعام، ومواد النظافة الشخصية والتنظيف، والازدحام بالزنازين، فقد وصل عدد الأسرى في بعض الزنازين التي تتسع ل6 أسرى إلى 12 أسيراً، وسياسة التجويع، والتحرش الجنسي اللفظي، والتهديد بالاغتصاب، والسب والشتم بألفاظ نابية تمس المشاعر الدينية والأخلاقية، وخلع الحجاب، والتفتيش العاري الذي مورس بطريقة مهينة وصولاً إلى التفتيش العاري الجماعي كإجراء وممارسة تمتهن الكرامة الإنسانية. هذا عدا عن اعتقال المئات من الرجال والنساء والأطفال والشيوخ من قطاع غزة في أماكن احتجاز غير معروفة حتى الآن، ولم تتوفر لدى مؤسسات حقوق الإنسان المعلومات الكافية عنهم باستثناء ما تم تسريبه من معلومات مصدرها الأسرى القابعون في أقسام مجاورة لأقسام المعتقلين الغزيين في سجن عوفر، حيث أفادوا بسماعهم لأصوات صراخ الأسرى وهم يُضربون، وأصوات الكلاب التي يتم إفلاتها على المعتقلين. هذه الظروف، وفق ما تم إعلانه، أدت لاستشهاد ستة أسرى فلسطينيين منذ السابع من أكتوبر.

تستعرض هذه الورقة البحثية والتي أعدتها الباحثة خالدة جرار، بالتفصيل ومن خلال شهادات لأسرى وأسيرات تحرروا ضمن صفقات التبادل الأخيرة، ومن خلال تقارير المحامين الذين تمكّنوا من زيارة بعض الموقوفين/ات، ظروف الاعتقال المستجدّة، وبشكل خاص بعد السابع من أكتوبر 2023، والانتهاكات المأساوية التي تعرضوا لها. وتركز على ما تعرضت له الأسيرات من عنف جنسي تمثل بالتهديد بالاغتصاب، والتفتيش العاري المهين للأسيرة نفسها، والتفتيش العاري الجماعي لعدد من الأسيرات مع بعضهن بهدف الإذلال، والتحرش الجنسي اللفظي، واستخدام الدورة الشهرية كوسيلة للضغط الجسدي والنفسي على الأسيرات، من خلال حرمانهن من الفوط الصحية والملابس اللازمة للتغيير، واستعمال الحمام، وانتهاك الخصوصية والتصوير القسري دون حجاب للمحجبات وتداول صورهن على الهواتف الشخصية للجنود والمحققين، والمسّ بالمعتقدات الدينية عبر نزع الحجاب بالقوة، والسب والشتائم المهينة، وحرمان الأسيرات من الاحتياجات الأساسية لهن، وانعدام مواد النظافة الشخصية والازدحام بالغرف. هذه السياسات كانت تمارس منذ بدء احتلال عام 1967، وعادت سلطات الاحتلال لتمارسها اليوم وبشكل أعنف.

واعتمدت الباحثة منهجية جمع المعلومات من خلال المقابلات المباشرة مع 9 أسيرات ممن تحررن ضمن صفقات التبادل الأخيرة، ومقابلات مع محامين تمكّنوا من اللقاء مع 10 أسيرات داخل سجن الدامون، و30 أسيراً في كل من: سجن عوفر، والنقب، ومجدو، وجلبوع، وتم مراعاة تنوع الجنس، والعمر، والمنطقة الجغرافية. كما تم مراجعة عدد من الأدبيات الخاصة بهذا الموضوع، وعدد من كتابات الأسرى أنفسهم في وصف الوضع القائم.

وتم تقسيم الورقة إلى مجموعة عنوان، حرب الإبادة الجماعية على غزة. العنف الذي يرافق لحظة الاعتقال. الانتهاكات والاعتداءات في مراكز التوقيف والتحقيق. الظروف الصعبة داخل السجون الاعتداء والضرب، العزل ومنع الصليب والمحامين من الزيارة. سياسة التجويع وإساءة ظروف الحياة وسحب الإنجازات، المصير المجهول. (الاختفاء القسري لمعتقلي قطاع غزة). العنف الاستعماري الجنسي في السياق الفلسطيني. انتهاك القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني فيما يتعلق بـ “خصوصية النساء وتوفير الحماية لهن” كسياسة ممنهجة بحق المعتقلات الفلسطينيات. وأبرز الملاحظات على العنف الجنسي بحق الأسيرات. بالإضافة للخلاصة العامة والتوصيات التي لا بد من العمل وبشكل جدي عليها، بأدوات وأطر جديدة، خاصة أن الفلسطينيين فقدوا الثقة في قدرة المنظومة الدولية لحقوق الإنسان على توفير الحماية لهم، مما يولّد قناعة بأن هذه المنظومة تخدم الأقوياء فقط في هذا العالم، ولا تُنصِف المضطَهدين. وتتمثل أبرز التوصيات في، تقديم الشكاوى للجهات الدولية المختصة ولجنة مناهضة التعذيب، واللجنة الخاصة بالعنف الجنسي ومختلف اللجان التابعة للأمم المتحدة المنبثقة عن المواثيق والاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، في كافة الانتهاكات وفي ظروف الاحتجاز في مراكز التوقيف والسجون. تجنيد الضغط الدولي والقانوني من أجل السماح للجنة الدولية للصليب الأحمر الدولي بزيارة الأسيرات والأسرى والاطلاع على ظروفهم. والدعوة لتشكيل لجنة تحقيق محايدة فيما يتعلق بالجرائم الجنسية والانتهاكات الجسيمة بحق المعتقلين. والمطالبة بمحاسبة المسؤولين عن هذه الانتهاكات من أفراد ومؤسسة أمنية ودولة. والعمل الجاد على إبقاء هذه القضية حيّة وضمان عدم طيّها بعد انتهاء الحرب العدوانية. والعمل على معرفة أسماء وظروف اعتقال الأسيرات والأسرى من قطاع غزة خشية على أي أخطار تهدّد حياتهم، وظروف احتجازهم.

#أخبار_البلد

زر الذهاب إلى الأعلى