مقال رأي │ منذ وصوله للسلطة، الجولاني يترك الجولان لإسرائيل ويفك الارتباط بالقضية الفلسطينية
بقلم: يسري عبد الباقي- اليمن

منذ وصولها إلى السلطة إثر سقوط نظام بشار الأسد، تحرص الإدارة الجديدة في سوريا على تحاشي إزعاج إسرائيل التي تخترق السيادة السورية أو التصريح بمواقف داعمة للقضية الفلسطينية، خاصة أن وصول الإدارة الجديدة للحكم تزامنت مع استمرار الحرب على قطاع غزة.
المهادنة مقابل الشرعية
منذ الأيام الأولى لسقوط نظام الأسد، توغلت قوات الجيش الإسرائيلي داخل الأراضي السورية وسيطرت على مناطق تقع في ريف القنيطرة بالإضافة لهضبة الجولان التي تحتلها منذ عام 1967، ونفذت عمليات عسكرية في عمق سوريا لتدمير الأسلحة الاستراتيجية ومصانع السلاح، دون أن تحرك الإدارة الجديدة للبلاد أي ساكن.
وقصف الطيران الإسرائيلي كافة المخازن والمنشآت والبنى التحتية العسكرية في سوريا، من أجل تحييد خطر محتمل قد يشكله الثوار الذين أطاحوا بالأسد واستولوا على المعدات والمقرات العسكرية، ما جعل سوريا بلدا مكشوفا وهشا أمام المخاطر الأمنية، خاصة أن البلاد لم تعد تمتلك جيشا نظاميا.
وقبل أسابيع قليلة دعا وزير الدفاع الإسرائيلي قوات جيشه للاستعداد للبقاء في منطقة جبل الشيخ إلى أجل غير محدد لضمان تأمين مرتفعات الجولان والبلدات الإسرائيلية المحاذية.
ويستغرب مراقبون من عدم إبداء الإدارة السورية الجديدة أي ردة فعل، إزاء تصرفات الجيش الإسرائيلي، على الرغم من أنها كانت تتهم الأسد بمهادنة الاحتلال والرضوخ للأمر الواقع في الجولان المحتل.
هذا التساهل مع الانتهاكات المتكررة لسيادة سوريا من طرف الجيش الإسرائيلي يعتقد مراقبون أنه يدخل في إطار مسعى أبو محمد الجولاني لكسب تأييد الولايات المتحدة وإسرائيل والدول الغربية، عبر المواقف والتصرفات الفعلية، وأملا في رفع تصنيف هيئة تحرير الشام كمنظة إرهابية وتقديم نفسه في ثوب جديد بعيدا عن تاريخه المثير للجدل.
وكان القائد الجديد للإدارة في سوريا أحمد الشرع “الجولاني” قد صرح بأن قواته لن تشكل أي تهديد لإسرائيل ولا تسعى لمهاجتمها رغم احتلالها للأراضي السورية، في رسالة طمأنة للجاى المحتل. الشرع ذهب أبعد من ذلك، حين أكد أن لإسرائيل الحق في مهاجمة حلفاء إيران في المنطقة، مؤكدا أنه لا مبرر لاستمرار العمليات العسكرية الإسرائيلية في سوريا ضد حلفاء إيران بعد الإطاحة بالأسد ووصوله لسدة الحكم.
إغلاق مكاتب الفصائل
أما عن القضية الفلسطينية، فيبدوا أن الإدارة الجديدة تسعى بصورة غير معلنة إلى النأي بنفسها عن القضية وفك الترابط معها. فرغم أن وصول قادة هيئة تحرير الشام إلى السلطة في سوريا تزامن مع استمرار الحرب في قطاع غزة والانتهاكات والتنكيل في الضفة الغربية، إلا أن الإدارة الجديدة لا يبدو أنها تضع القضية الفلسطينية ضمن أولويات سوريا، التي وصفها الشرع بأنها منهكة.
ويرى الحكام الجدد لدمشق أن القضية الفلسطينية تشكل عبئا على سوريا، في الوقت الراهن على الأقل، تحت ذريعة الانشغال بالوضع الداخلي وبحجة أن النظام المطاح به كان يستخدم القضية الفلسطينية لكسب الشرعية لدى الرأي العام المحلي والعربي والإسلامي.
ومع سيطرة الإسلاميين على الحكم في سوريا، بادروا بإغلاق مكاتب الفصائل الفلسطينية في دمشق، في خطوة اعتبر مراقبون أنها تعكس توجها جديدا غير مفهوم وقد يكون ضمن تفاهمات غير معلنة، خاصة أن إسرائيل لم تتعرض يوما لأي تهديد من التنظيمات المسيطرة في سوريا حالياً.
ويعتقد كثيرون أن سوريا أصبحت ساحة للصراعات الإقليمية، يسعى كل طرف إلى جعلها عمقا استراتيجيا، وقد تضيع قضية الجولان المحتل والقضية الفلسطينية وسط زحام الصراع الإقليمي والتفاهمات والتسويات التي تتم تحت الطاولة.
مقالات الرأي عبر موقعنا الإخباري تمثل كُتابها، ولا تعبر بالضرورة عن أفكار وتوجهات المؤسسة، وهي مساحة حرة لكل الأطراف للتعبير عن أفكارهم وآراءهم في ما لا يتعارض مع المصالح العامة للشعب الفلسطيني. لنشر مقالاتكم عبر موقعنا الرجاء ارسالها عبر الايميل التالي: [email protected]