قراءة تحليلية “حدود متعددة الطبقات”.. استراتيجية إسرائيلية جديدة بعد صدمة 7 أكتوبر

نشر مركز عروبة للأبحاث والتفكير الاستراتيجي، دراسة جديدة تناولت التغيرات الجذرية في العقيدة الأمنية الإسرائيلية بعد عملية “طوفان الأقصى” التي نفذتها المقاومة الفلسطينية في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2024.
الدراسة تناولت التحوّل في الاستراتيجية العسكرية الإسرائيلية من الردع التقليدي إلى العمل الاستباقي كاستجابة لفشل قوات الاحتلال في التصدي للهجوم، وهو ما كشف ضعف التحصينات الدفاعية والقدرات الاستخبارية الإسرائيلية.
ووفقًا للدراسة، شكّلت عملية “طوفان الأقصى” نقطة تحول في التفكير الاستراتيجي الإسرائيلي، حيث كشف الهجوم المفاجئ على مستوطنات “غلاف غزة” فشل منظومة الردع الاستخباري والعسكري.
وكان هذا الفشل دافعًا للمؤسسة الأمنية الإسرائيلية لتطوير عقيدتها العسكرية نحو استراتيجية هجومية تقوم على العمل الاستباقي وفرض “مناطق عازلة” على حدود الأراضي المحتلة.
تحوّل الاستراتيجية العسكرية
وأشارت الدراسة إلى أن إحدى أبرز الاستنتاجات التي خرجت بها إسرائيل هي رفض السماح بتراكم القوة على الحدود الفلسطينية، سواء في قطاع غزة أو في لبنان وسوريا، حيث تعتبر هذه الأنشطة تهديدات مباشرة للأمن الإسرائيلي قد تؤدي إلى تكرار سيناريو “طوفان الأقصى”.
وفي هذا السياق، أكد التقرير أن “إسرائيل” باتت تتجه نحو توسيع مناطق عازلة على حدودها مع الأراضي الفلسطينية وسوريا ولبنان، وهو ما يشير إلى تحوّل نوعي في العقيدة العسكرية الإسرائيلية.
كما تضمن التحليل الاستراتيجي الإسرائيل تركيزًا على فرض واقع أمني جديد داخل هذه المناطق، ما يعزز قدرة الاحتلال على التحكم في التحركات العسكرية من خلال تعزيز “حرية الحركة” لقواته.
العمل الاستباقي: ساحة المواجهة في غزة ولبنان وسوريا
تناولت الدراسة أيضًا استمرار العمليات الهجومية الإسرائيلية على جبهات غزة ولبنان وسوريا، حيث ركزت إسرائيل على ضرب البنى التحتية العسكرية لحزب الله والفصائل الفلسطينية في غزة، بينما تصاعدت الضربات الجوية على الأراضي السورية، التي تضمنت استهداف منشآت دفاعية وأسلحة استراتيجية.
الحدود “المُلغومة”: أمن إسرائيلي أم واقع استعماري؟
من أبرز ملامح الاستراتيجية الإسرائيلية الجديدة هي إقامة “مناطق عازلة” داخل الأراضي اللبنانية والسورية، حيث تنوي “إسرائيل” استغلال المساحات المُعترَف بها كـ “منطقة أمنية” لتوسيع نطاق سيطرتها العسكرية. وفي هذا السياق، يتوقع أن تحتفظ “إسرائيل” بمواقع عسكرية في تلك المناطق حتى في حال التوصل إلى تسوية سياسية.
التحوّل من الردع إلى السيطرة الميدانية
وأكدت الدراسة أن العقيدة الأمنية الإسرائيلية بعد “طوفان الأقصى” أصبحت تقوم على مفهوم “الحدود متعددة الطبقات”، التي تجمع بين الردع القوي والسيطرة الميدانية من خلال تمركز القوات العسكرية على الحدود وداخل أراضي الخصوم. هذه الاستراتيجية تسعى إلى تحويل مناطق النزاع إلى جغرافيا أمنية تحت السيطرة الإسرائيلية، من خلال إنشاء خطوط دفاعية تشمل العوائق المادية، والمراقبة الجوية، والوجود العسكري الدائم.
الآثار المستقبلية: اشتعال المنطقة والتوسع الاستعماري
أوضحت الدراسة أن هذه الاستراتيجية، رغم ما تمنحه من شعور بالأمان المؤقت، قد تؤدي إلى تفجير صراعات طويلة الأمد، حيث تُكرّس واقعًا استعماريًا جديدًا. كما يمكن أن تساهم في إشعال النزاعات الإقليمية في المنطقة، حيث يبقى الوضع الأمني معلقًا على حدود هشّة ومناطق مُقيدة.