أبو خديجة من المستطيل الأخضر إلى زنزانة الإعتقال
كتبت رغد أبو صفية: مشاعر مضطربة ما بين قلق, خوف, و انعدام للأمان, أمر مناقض للعادة على غرار ما اعتاد عليه, ينظر حوله ليس هناك ما يراه سوى ظلام دامس, ذاك النسر المحلق في فضاءات المستطيل الأخضر, معصوب العينين, مكبل اليدين والقدمين وسط غرفة مستطيلة لا تتسع إلا لشخص واحد, أشبه بالتابوت, مصير مجهول, أفكار كثيرة تجوب في مخيلته أين أنا؟ ماذا جرى؟, وكيف حدث؟ , تقطعها الأصوات الغريبة من حوله والإكتظاظ الذي يظهر حينا ويختفي أحيانا, هذه المرة ليست هتافات المشجعين ولا صافرات الحكام, ولا حتى صراخ الاحتفال بإحراز هدف في إحدى المباريات, إنها خيمة المعتقل, زنزانة السجن.
أحمد أبو خديجة, لاعب نادي جبل المكبر المقدسي, إبن ال 27 ربيعا, خجول بطبعه, جريء وسط الميدان, جذبته الساحرة المستديرة منذ الصغر، صنع لنفسه اسم لامع في عالم كرة القدم، كالرسام ينحت لوحات فنية بتمريراته العرضية، كالخطاط يخط حروفه بلهجة كرة القدم، يراوغ وينفرد في كل المساحات, عقب موسم إستثائي قدمته نسور الجبل ولمع بريق المايسترو أحمد فيه , ليلة مميزة ضمن الجولة ال21 من دوري المحترفين الفلسطيني أسفرت عن تتويج نادي جبل المكبر أبطالاً للدوري بشكل رسمي .
في يوم الثالث من شهر آذار المنصرم للعام الجاري, وكما جرت العادة خرج أحمد رفقة زملاءه للاحتفال بهذا الإنجاز الذي اجتهدت منظومة الجبل كاملة لحصاده, إنتهت مراسم الإحتفال وكلٌ عاد إلى مأواه, ليلة وساعات انقضت دون عودته أو أي أخبار مطمئنة عنه, بدأ القلق والإضطراب يجتاح قلوب وعقول عائلته, محاولات عدة لتتبع مكانه أو سبب إختفاءه دون جدوى.
ساعات طويلة من البحث والتحري ولم يشهد مكانه أحد, هي ليست صدفة إنما رسالة من القدر بعد دعوات كثيفة وجهود حثيثة في البحث عنه, ساقت أخاه إبراهيم لمتابعة الأحداث الإخبارية على أحد مواقع التواصل الاجتماعي, ليظهر أمامه فيديو يوثق اعتقال شابين على طريق رام الله, و اتضح من خلال الصورة أنهما أحمد وصديقه.
أُعتُقِل أحمد لأسبابٍ مبهمة حاله كحال الكثير من الأسرى الفلسطينين في سجون الإحتلال الإسرائيلي, لوائح إتهامات غاشمة هشة وضعيفة, تضعها قوات الإحتلال ذريعة لقمع وتحطيم الطموح الفلسطينية, لا تمت للواقع بصلة, باطلة نابعة من كيان باطل.
مصير مجهول يكابده أحمد في سجون الإحتلال, حيث لم يصدر حكم بعد بالمدة التي سيقضيها بالسجن, في حين قيام محكمة الإحتلال بتأجيل محاكمته عدة مرات دون سبب يُذكر, وبالرغم من ذلك إلا أن إدارة نادي جبل المكبر المقدسي رفضت تعليق حذاؤه وقميصه خارج خزائن المستطيل الأخضر وشرعت إلى تجديد عقده إلى حين خروجه من السجن, وعودته إلى عالم الساحرة المستديرة من جديد.