الرئيس الأسد: المقاومة انتصرت في حرب الحقيقة

تعدّ كلمة الرئيس السوري بشار الأسد خلال ترؤسه لدورة اجتماعات اللجنة المركزية للحزب، والتي تتطرق فيها بشكل مفصل عن معركة طوفان الأقصى، ذات أهمية كبيرة، خاصةً لما تضمنته من حقائق استخلصها الرئيس الأسد من هذه المعركة، التي وصفها بحرب الحقيقة، مشيراً إلى أن ما حصل في فلسطين قد كسر هيمنة الرواية الصهيونية عالمياً، ومشدداً على أن المعركة أكّدت بأن التمسك بالقضايا يحمي الأوطان والشعب الفلسطيني نجح في التمسك بقضيته.

وبالنسبة للدعم الأمريكي والغربي، أشار الرئيس الأسد بأن ما وصفه بهجمة المسؤولين الغربيين لدعم “إسرائيل”، هي هجمة الأم لحماية ابنها، معتبراً الكيان المؤقت هو الابن الشرعي للاستعمار.

فما هي أبرز وأهم النقاط التي تضمنها خطاب الرئيس الأسد؟

_ الحرب في قطاع غزة غيّر حقائق تاريخية لسنوات طويلة وربما لأجيال، ولن تتغير في المدى المنظور بغض النظر عن نتائج الحرب.

_هذه الحقائق هي دروس مستفادة يجب التفكير بها وتعلمها، لأنها تتقاطع بشكل كبير مع ما عاشته سوريا ومع ما يمكن أن تعيشه دول عربية أخرى، ودول غير عربية، لأن المبادئ واحدة بالنسبة للشعوب والأوطان.

_الرواية الفلسطينية نسفت الرواية الصهيونية التي كانت مسيطرة منذ نشأة القضية الفلسطينية، أي منذ القرن التاسع عشر، لأن وسائل التواصل الاجتماعي التي كانت أداة الغرب من أجل السيطرة على العقول، عبر الرواية والثقافة والسياسة والعادات والتقاليد، قد نضج من يستخدمها، فانقلب السحر على الساحر، وخسرت الصهيونية روايتها حتى في أهم معاقلها أي الولايات المتحدة الأمريكية.

_ لا يعني خسارة الرواية الصهيونية بأن الشارع الأمريكي أصبح داعماً لفلسطين، بل أصبح لديه الكثير من الشكوك حول الروايات الصهيونية.

وهنا اعتبر الرئيس الأسد بأنه يتقاطع بشكل كبير مع ما عاشته سوريا في بداية الحرب عليها وما تزال، من خلال فرض الدول العربية للكثير من القيود على وسائل التواصل أو تقييد الانترنت، باعتبارها أداة جديدة ومخيفة. وهنا كشف الرئيس الأسد بأن سوريا كانت من الدول التي وضعت قيوداً على هذه الوسائل الجديدة أيضاً، لكنها قامت بإزالة كل القيود، انطلاقاً من أنها ستخوض هذه الحرب بطريقة من وصفهم بالأعداء.

_الثقة بالجمهور العريض للدفاع عن وطنه، فلا معنى ولا أمل للدولة في الدفاع عن وطنها، بل إن القوة تتشكل من وعي الجمهور (الحاضنة الشعبية التي وصفها بحاضنة الوعي)، وليس في القوات المسلحة وفي الخطاب السياسي. وهذا ما نجحت فيه سوريا خلال الحرب عليها من خلال حماية الرأي العام الداخلي، ولم يكن عندها ضرورياً اختراق الرأي العام العالمي.

_الحرب اليوم هي حرب الحقيقة، ومن يربح الحقيقة، سيربح المعركة.

_ كل حروب الغرب وتحديداً أمريكا تستند بالدرجة الثانية إلى السيطرة على الأرض، بينما الدرجة الأولى تكون بالسيطرة على الحقيقة (صادقة كانت أم كاذبة).

_أكثر ما يُرعب “إسرائيل” اليوم في العالم، أن الأخير بات يعرف حقيقتها الإرهابية.

_ أمريكا سيطرت على العالم قبل الدولار والأساطيل بالحقيقة.

واستعرض في هذا الإطار كيف استطاعت أمريكا تعميم فكرة أن الغرب هو عدو النازية، فيما كانت الأخيرة هي العدو الأساسي لروسيا (الاتحاد السوفييتي).

_ صعود النازية بين الحرب العالمية الأولى والثانية كان بدعم أمريكي، من خلال السماح الأمريكي للنازية بالصعود وتأسيس جيش، بالدعم الأمريكي وبالأموال الأمريكية (عبر القروض والاستثمارات حتى أن شركة فورد استثمرت في ذلك). وبقيت الاستثمارات إلى أن تغيّرت الخطة النازية، فتغير حينها الدعم الغربي وأظهرت أوروبا بأنها ضد تلك الحرب.

_أمريكا لم تقاتل النازية، بل إن كل من تعاون معها من القادة النازيين عززته وكرمته. وبيّن الرئيس الأسد بأن الكل يعتقد بأن الغرب انتصر على النازية، في “إنزال النورماندي”، بينما القلة تعرف بأن هزيمة هتلر قد بدأت في عام 1941 على أسوار موسكو بعد عامين تقريباً من بدء الحرب. ولم تكن القوى الغربية خاصة الولايات المتحدة تقوم حينها بأي عمل ضد النازية، بل كان ستالين يطالب أمريكا بالتدخل وهي ترفض، لأنها تريد من النازية والشيوعية أن يدمروا بعضهم البعض، فتسيطر أمريكا على أوروبا بعد أن تكون أوروبا أيضاً قد دُمرت. وأن أمريكا ومن يتبعها لم يتدخلوا إلا بعد تقريباً 3 سنوات، عندما اكتشفوا بأن روسيا قاب قوسين أو أدنى من الانتصار، فقرروا الهجوم واختطاف الانتصار من الروس.

_محاكمات نورنبيرغ المشهورة كانت للقادة النازيين الذين رفضوا التعاون مع أمريكا، أما كل من تعاون فعُزز وكُرّم، كالذين شاركوا في مجال الصواريخ أو في تأسيس الناتو وغيرها من الأمور.

_ أمريكا خدعت العالم أيضاً في قضية المحارق اليهودية، التي سيّستها عمداً، بالتمهيد لنقل اليهود من أوروبا باتجاه مناطق أخرى هي فلسطين.

_ما حصل في فلسطين في الأعوام الأخيرة أعاد إحياء القضية عالمياً. مشيراً إلى أن القضية الفلسطينية في سوريا موجود باللاوعي، ولا يتم التفكير بها كعلاقة تاريخية، ولم يتم نسيانها بعد اتفاق أوسلو كما حصل في العديد من الدول العربية.

_ ما حصل في فلسطين خلال الأعوام الماضية، ليس فقط في غزة تم تتويجه فيها، هو أن هذه القضية استعادت مكانتها الدولية، بحيث عادت إلى جوهرها وهو محتل يقاتل صاحب الأرض، معتد يقاتل مُعتدى عليه.

_ الصهاينة لأنهم ليسوا شعباً، اعتقدوا بأن تقادم القضايا سيؤدي لظهور أجيال تنسى القضية، بينما القضايا لدى الشعوب تختمر مع الوقت بالتقادم وليس العكس، فتختمر وتنضج وتشتعل أكثر وتُنتج الأشد من المقاومة والأصلب من الصمود.

_الشعب الفلسطيني بالطريقة التي حمل بها قضيته عبر 4 أجيال تقريباً، أثبت بأنه شعب أصيل، كما أثبت بأن الشعب الإسرائيلي وهم، ونسف مقولة شعب بلا أرض لأرض بلا شعب. فإسرائيل لم تُبنى عبر تراكم حضاري وإنما عبر قرار سياسي، والسياسة لا يمكن أن تبني شعوباً ولا يمكن أن تؤسس لحضارات.

_ المستوطنون الإسرائيليون كشفوا حقيقتهم من خلال تلذذهم بدماء الفلسطينيين بأنهم شعب مضطرب.

_وصف الرئيس الأسد تصرفات جيش الاحتلال المطلق العنف والإجرام إلى درجة الهيستيريا، والجبان بنفس الوقت إلى حد الانهيار.

_التمسك بالقضايا هو الذي يحمي الشعوب ويحمي الأوطان.

_دبلوماسية الدولة من دون قضية تديرها هي كالتكتيك من دون استراتيجية، وهي كالمناورة من دون هدف.

هذه المبدئية في الثوابت (بعكس الانتهازية)، جعلت سوريا ترفض السماح لأمريكا باستخدام أراضيها لقصف العراق عام 2003، وجعلتها ترفض احتلال العراق للكويت عام 1991 لأنه يشبه رفض الاحتلال في فلسطين وفي الجولان وفي أي مكان آخر.

_ هذا العالم فيه الكثير من اللامبدئية، لذلك يجب أن يكون العمل مكرساً دائماً على القضايا.

_المقاومة مرغت أنف “إسرائيل” في التراب، رغم كل الدعم المقدم للجيش الإسرائيلي.

_الهجوم الغربي والأمريكي في الأيام الأولى لدعم إسرائيل، كان بسبب أنها تنهار، ولأنها الابن الشرعي للاستعمار.

_المقاومة تمكنت من كسر الهيمنة الصهيونية على الرواية بنشر الحقيقة والتعامل الأخلاقي مع الأسرى، وهو ما حاولت إسرائيلي التعتيم عليه بشتى الطرق.

_ثمن المقاومة هو أقل من ثمن الاستسلام، والمقاومة اليوم تدافع عن كل الدول العربية.

المصدر: (الخنادق)