ورقة موقف من مركز رصد للدراسات والأبحاث: العوامل التي أدت إلى سقوط نظام الأسد وتأثيراتها على المنطقة
شهدت سوريا خلال السنوات الأخيرة تحولات غير مسبوقة على الصعيدين السياسي والعسكري، أسهمت بشكل كبير في تعزيز فرص سقوط نظام الرئيس بشار الأسد. هذه التحولات لم تقتصر على الداخل السوري، بل امتدت تداعياتها إلى الإقليم والعالم، مما زاد من الضغوط على الأسد وحلفائه. تضافرت عوامل متعددة، من ضمنها تأثير حركة حماس في فلسطين، ضعف جبهة المقاومة في لبنان، تدهور الاقتصاد الإيراني، وصمود المعارضة السورية، لتسهم في تسريع انهيار النظام. هذه التطورات قد تحمل تداعيات كبيرة على المنطقة بأسرها.
أصدر مركز رصد للدراسات السياسية والاستراتيجية في لندن، اليوم الأربعاء، ورقة تقدير موقف ناقشت عدة عوامل رئيسية، أبرزها:
العوامل التي أدت إلى سقوط الأسد:
أكدت الورقة أن العديد من المنصات والحسابات السورية اتهمت النظام السوري بالاعتماد المفرط على دعم حركات المقاومة دون دراسة كافية، مما أدى في النهاية إلى انهياره.
تحليل وسائل التواصل الاجتماعي:
أظهر تحليل 630 تغريدة كتبها فلسطينيون عن تداعيات الأحداث في سوريا وربطها بـ”عملية طوفان الأقصى”، أن أحد العوامل الرئيسية التي أضعفت النظام السوري كان تصاعد دور حركة حماس، لا سيما في ظل التصعيد العسكري في غزة.
كانت حركة حماس جزءًا من محور المقاومة الذي دعمته سوريا، إلا أن التطورات داخل الحركة أثرت بشكل مباشر على تحركات بعض حركات المقاومة الإقليمية مثل حزب الله.
دور حزب الله:
المشاركة العسكرية لحزب الله في سوريا كانت أحد أكبر ركائز الدعم للنظام. لكن تورط الحزب في صراع طويل الأمد استنزف قدراته العسكرية والشعبية في لبنان، مما أدى إلى تراجع تأييده في بعض الأوساط. هذا التراجع أثر على القوة التي كان يعتمد عليها النظام السوري، وساهم في إضعافه على الصعيدين العسكري والسياسي.
ضعف جبهة المقاومة الإقليمية:
رغم الدعم الكبير الذي تلقتْه جبهة المقاومة في المنطقة، والتي كان حزب الله أحد أعمدتها الرئيسية، إلا أن الضغوط العسكرية والاقتصادية أثرت على قدراتها تدريجيًا. الحرب المستمرة في سوريا استنزفت هذه الحركات، خاصة مع تحول اهتمام حلفائها الإقليميين والدوليين نحو قضايا أخرى مثل الملف الفلسطيني والنزاعات في مناطق أخرى.
هذا التراجع جعل من الصعب على النظام السوري الاعتماد بشكل مستدام على دعم جبهة المقاومة، مما أدى إلى زيادة الضغوط عليه.
تدهور الاقتصاد الإيراني:
إيران، الحليف الأبرز لنظام الأسد، شهدت تدهورًا اقتصاديًا كبيرًا نتيجة العقوبات الدولية المفروضة عليها. هذا الضعف الاقتصادي انعكس مباشرة على قدرتها في دعم النظام السوري ماديًا وعسكريًا.
كانت إيران تشكل مصدر الدعم الأساسي لبقاء الأسد من خلال تقديم المساعدات العسكرية والمالية. إلا أن تدهور قيمة الريال الإيراني والعقوبات الدولية جعل من الصعب استمرار هذا الدعم بنفس الزخم السابق، مما زاد من عجز النظام السوري عن مواجهة التحديات.
الضغط الدولي وتغير المواقف الإقليمية:
على الصعيد الدولي، تبنت العديد من القوى الغربية والعربية مواقف أكثر حزمًا ضد نظام الأسد، معتبرة أن بقاءه يشكل تهديدًا للاستقرار الإقليمي.
هذا الضغط الدولي عزز مواقف المعارضة السورية عسكريًا وسياسيًا. كما أن تغير مواقف بعض الدول العربية والإقليمية، في ظل التحولات الدولية، أسهم في زيادة الدعم للمعارضة السورية، ودفع النظام إلى مزيد من العزلة السياسية.
صمود المعارضة السورية:
رغم التحديات الكبيرة، مثل نقص السلاح والدعم الخارجي في بعض الفترات، تمكنت المعارضة السورية من تحقيق تقدم ملحوظ على الأرض، خصوصًا في المناطق التي كانت خاضعة لسيطرة النظام.
التنسيق بين الفصائل المعارضة والدعم الدولي المتزايد أسهم بشكل كبير في تعزيز قدراتها على مواجهة النظام. هذا الصمود، إلى جانب الدعم الإقليمي، جعل من الصعب على النظام السوري الحفاظ على استقراره.
الخاتمة:
خلصت الورقة إلى أن تراجع الدعم الإيراني لنظام الأسد، وضعف الحركات الإقليمية الداعمة له، بالإضافة إلى التدهور الاقتصادي الإيراني، شكلت عوامل رئيسية في إضعاف النظام السوري.
مع استمرار صمود المعارضة وتزايد الدعم الدولي لها، يبدو أن سقوط الأسد أصبح أمرًا شبه حتمي. هذه التطورات لن تؤثر فقط على الوضع الداخلي في سوريا، بل ستحمل تبعات إقليمية واسعة، خاصة فيما يتعلق بدور قوى المقاومة والتحولات السياسية المستقبلية في المنطقة.